افتدوا أوطانكم!!

اليوم عيد.. والبيوت مشغولة وممتلئة بالترتيبات والأحباب..العيد بهجة ومصنع الأمل…لكن ليست كل البيوت مصانع للأمل..هناك بيوت تحترف إهداء سكانها ذكريات عميقة ومبادىء ثابتة لا تزعزعها الأيام..وبيوت تهدى سكانها اضطرابا ورعبا ومسالك ملتوية.

ما أروع بيتا تكبر فيه فتفهم أشياء غير تلك الأشياء المعتادة التى تقال فى كل مناسبة وتمارس كعادة أو كقشور عبادة.. ما أروع بيوتا تجمع أولادها لمناقشة العناوين الكبرى ولسماع أسئلتهم ومحاورتهم فى الأحداث الجسام.

رغم أن السبب فى أزمتنا الاجتماعية كان فى الأصل سياسيا..غير أن حلها وانفراجتها لن يأتيا من الساسة..إنما من المجتمع ومن الناس..من الأسر التى الأب والأم فيها فى الثلاثينيات أو قل فى الأربعينيات من العمر..هذا الجيل الآن هو المسؤول عن مصر الغد..وهم أنفسهم الحزانى على مصر اليوم..أولئك الذين يتبادلون الحسرة يوميا حول ما يجب أن يكون ويبدون مقترحاتهم فى البرامج وفى وسائل التواصل الاجتماعى وفى جلساتهم الصغيرة..هم أصحاب المسؤولية الكبرى.

ألم تقابل فى حياتك أشخاصا قساة ومهملين وبلا ضمير أو وازع أخلاقى..ألم تقابل فى حياتك ألف نموذج لمتدينين يقيمون الشعائر ويلتزمون بالمظاهر..وحين تستدير عنهم تجدهم أول من يستبيح الأمانة والمال والعرض..ألم تسأل نفسك حين قابلتهم..من أى بيوت أتوا؟ من أى ضمير تعلموا عن الحياة؟ من أى أب سمعوا عن الله؟ من أين أتت تلك الكائنات المتوحشة التى تأكل حضارتنا بعدما أكلت إنسانيتنا؟!.

أتت من مدارس كالتى درسنا فيها..ومن شوارع كالتى مشينا فيها..ولكن الفارق كان فى المنبع…فى البيوت…إذن فلنطهر المنبع..سريعا..وبحسم وبجدية.

أكتب عن هذا فى يوم عيد..وأنا مدركة عمق معنى العيد فى شخصيتنا المصرية..

أكتب هذا فى يوم عيد…مدركة أنه عيد لا يتلخص فى ذبح لتوزيعه على الفقراء فالفقراء معنا فى كل حين…إنما هو عيد يحمل معنى التضحية…ويعلى فكرة الفداء..

افتدوا أوطانكم..ضحوا لأجلها..واستثمروا فيها…ولا تقفزوا من القارب..ولا تطلبوا النجاة لأنفسكم دون أن تقوموا بها لأجل الجميع.

فى يوم عيد…أوصيكم ونفسى..

ربوا أولادكم…علموهم معنى العيد…وفهم الحياة وقيمة العطاء..واستخدام المال…ربوا أولادكم اسمحوا لهم أن يناقشوا البديهيات وأن يسألوا فى المسلمات وأن يختلفوا وأن نقبلهم..علموهم أن يقبلوا الآخرين باختلافاتهم ونقائصهم…علموهم أن العمل عبادة وأن الأمانة واجب وليست فضلا وألف تفصيلة غيابها جعل حياتنا غريبة عنا.

ارصدوا نواقص المجتمع..وازرعوا عكسها فى أولادكم..أنقذونا.

إن التركيز على الجيل القادم..وحمايته من تشوهات المجتمع..لهو أسرع حل وأكبر ضمانة للتغيير…لا أمل من تغيير الفاسد المحترف..ولا رجاء فى إيقاظ ضمائر ماتت من سنين..فقط قاوموهم بالطرق المعتادة…واحموا أوطانكم من تكرار تلك النماذج..من خلال بيوتكم..أولادكم.

سموها حملة إنقاذ للغد…حملة حماية المستقبل من مصير الحاضر!! سموها ثورة الإصلاح…ثورة البناء.

هل ينجح جيلنا فى تلك الثورة..أم نكتفى بثورة هدمت ولم تبن شيئا بعد..

عيدكم سعيد…وبيوتكم مختلفة..وثائرة للبناء.

لقراءة المقال علي موقع المصري اليوم

Tags:
To Top
Contact

Get In Touch