عجرفة التافهين

حوار على البوابة بين حارس الأمن وزائر المكان مشدد الحراسة.

حارس الأمن: كارنيه الدخول من فضلك!

الشاب- بعجرفة غير مُبرَّرة- لا يرد، ويشيح بيديه أو مجيبًا بتعالٍ فلان!، أو متمتمًا برقم غير مفهوم لعضوية حقيقية أومزيفة!!

فى مكان آخر: المسؤول عن التنظيم ونزيل المكان الفاخر

حارس الأمن: تعليمات المكان تمنع..

النزيل المتعجرف: (سيل غير مُبرَّر من السباب والإهانة لرجل محترم يقوم بعمله، وينفذ تعليمات وقوانين المكان)، وقِسْ على ذلك معاملة البائع، النادل، السائق..

إنها تلك الحالة غير المُبرَّرة من العجرفة والتعالى، التى تمارسها فئة من التافهين فى مجتمعاتنا فى كل مكان وفى كل مستوى اجتماعى.. تمتد بجذورها لعشرات من السنوات، تختفى على استحياء كلما تنفست الثقافة لنفسها طريقًا وسط المجتمعات، ثم تعود بقوة كلما عادت الأجواء إلى قوانينها العشوائية وسيادة ثقافة الغوغائية فى كل المجالات.

لا أتحدث هنا عن تواضع العظماء وسلوكهم الدمث.. وثقة وعجرفة التافهين فى كل مجال!، وأبيات الشعر التى تربينا عليها صغارًا «ملأى السنابل تنحنى بتواضع والفارغات منهن رؤوسهن شوامخ» هذا البيت العظيم فى وصفه ومقاربته للحال المنسوب للمتنبى فى هجاء الكافورى.

أتحدث بالأكثر عن تمكين أولئك المتعجرفين! وسماحنا لتفاهتهم بأن تصبح سلوكًا، خصوصًا فى التعامل مع بسطاء الحال ومَن يعتقد المجتمع أنهم سيقبلون هذا السلوك دون اعتراض ودون مقاومة!.

مناقشة وجود هؤلاء وسلوكهم لا تُجْدِى نفعًا.. لكن الحقيقة أننا نستطيع مناقشة ردود أفعالنا حينما يتعامل موظف- أيًا كانت درجته وموقعه- مع مواطن بعجرفة وتعالٍ لمجرد أن هذا الرجل بسيط، وأن هذا الموظف يستطيع أن يمنع أو يمنح!.

تحرش (الأكبر أو الأعلى) وظيفيًا أو اجتماعيًا بضحية يُفترض صمتها، ويفرضه لمجرد كونه أقوى وكونها أبسط.. نريد مجتمعًا يُمكِّن البسطاء من الوقوف فى وجه عجرفة التافهين وإيقاف دائرة أذاهم.

إن فكرة تمكين الشخص ببساطة لا تعنى أن نأخذ نحن المواقف نيابة عنهم، لكن أن نساعدهم ليرفضوا هذه السلوكيات، أن تحميهم إدارة أو قانون يعطى الحق لصاحبه، ولا ينصر القوى على الضعيف وينسى الحق والقانون.

إن المجتمعات أحيانًا تصبح أقوى من القانون نفسه، فمجتمع يحتقّر الكذب.. لا يكذب الناس فيه لأن الكذب عار لا يتحملونه!.

ومجتمع يحترم الناس فيه الطبقات البسيطة ومقدمى الخدمات، سيصمت فيه التافهون خجلًا.. لا خُلقًا.

لقراءة المقال علي موقع المصري اليوم

Tags:
To Top
Contact

Get In Touch