هدوء ما بين العواصف

عبرت عاصفة وأمطار غزيرة متلاحقة بكل أهوالها وما تبعها من أزمات ومحاولات للإصلاح وفك شفرات ما حدث ولماذا خلّف علينا كل هذه الخسائر!

وظهر من جديد السؤال الذى يناقش القضية ذاتها فى كل عام!! متى تبدأ شبكات تصريف مياه الأمطار فى أخذ موقعها من اهتمامات الدولة؟ وبدأنا من جديد نناقش الرد التقليدى الذى تطرحه الحكومة من أن تكلفة الشبكات كبيرة جدًا، وقد تصل إلى 400 مليار جنيه فى القاهرة الكبرى وحدها، وأنه من الأَوْلَى توجيه هذه الأموال لخدمات أكثر أهمية ولمشروعات ذات أولوية. كان هذا الرد يبدو معقولًا جدًا حتى وقت قريب! إلى أن بدأت موجات المطر فى التزايد، والتغيرات المناخية باتت واقعًا ويقينًا، فظهر لدى الناس سؤال آخر: كم تتكبد الدولة من خسائر فى كل نوبة مطر شديد كهذه! يقينى أن مليارات قد أُنفقت وستُنفق فى كل مرة توازى تكلفة شبكات صرف عملاقة! والسؤال الأهم: كيف سقطت بعض الطرق الجديدة التى نُفذت ضمن المشروعات العملاقة فى امتحان الأمطار المفاجئ؟!

أنا- كغيرى كثيرين- ممن يشفقون على هذا الوطن، فهذا جبل وليس مجرد وطن يعبر ريحًا تلو ريح وعاصفة تلو عاصفة ولا تمهله الأيام فرصة لالتقاط الأنفاس، وكأن قدَرنا أن نركض خلف ثورات، ثم إرهاب، ثم تحديات اقتصادية، ثم أوبئة وعواصف.

الحِمل كبير، والتحديات قدرنا جميعًا، هَمّنا العام ثقيل تمامًا كهمومنا الخاصة.. يبدو أن هذا هو سر قوتنا وصلابتنا، وأحيانًا هو سر اتساع ابتسامتنا مهما «دقت على الرأس طبول»، كما يقول أهل بلادى الطيبون.

هذا الأسبوع مشمس وهادئ، وهو فرصة لالتقاط الأنفاس والتوقف قليلًا عن الفزع.. وهو فرصة طيبة لكل مسؤول ليراجع أجندة مسؤولياته الثقيلة وفريق عمله وينقيه بأسرع وقت.. فنحن فى زمن الامتحانات فيه كاشفة للكل فى كل المواقع. العاصفة القادمة علينا ليست محلية هذه المرة بل عالمية، (كورونا) هو امتحان كبير للعالم كله، لا يجب علينا فيه المقارنة بدول أخرى لها من الإمكانات والاستعدادات والبنية التحتية ما يعطيها رفاهية القرار، فيما نطالب نحن دولتنا بكل رعونة بأن تنفذه دون تخطيط.. لا تتعجلوا حالة الطوارئ ولا تتعجلوا الفزع وإيقاف الحياة.. فتكلفة هذه الأشياء على مصر أغلى من أى مكان آخر فى العالم.. فوطن مازال يحاول الاستفاقة من هزة اقتصادية كبرى مثل مصر، ويجتهد للبناء ويواجه الآن هزة وباء عالمى يضرب اقتصادات عظمى ضربات مُوجِعة وكبيرة، هو فى تحدٍّ حقيقى.

الأهم فيه هو التعقُّل ونجاة الجميع بأقل قدر من الخسائر! لا يعلم أحد ما تُخبئه لنا الأيام، لكن كلنا ثقة ويقين بأن يد الله تُحرك الكون كله.. ولهذا السبب وحده لا داعى لكل هذا الرعب وكل هذا القلق!.

لقراءة المقال علي موقع المصري اليوم

Tags:
To Top
Contact

Get In Touch