أعتذر لك وكلى خجل لكونى جزءاً من هذا العالم الذى لم ينصفك ولم يكن كافيا ليسعك فضقت به وقررت الانسحاب منه فى صمت…
أعتذر لأنى أدرك حجم الأفكار وقوتها وصخبها.. أدرك أن عقلك كان فيه ألف فكرة وأن المناقشات كانت حادة وصاخبة داخل رأسك، رغم أنك بديت قليل الكلام فى الفترة الأخيرة..
أفهم كل تلك المرات التى حاولت فيها الصراخ فى وجه أفكارنا التافهة واهتماماتنا التى لم تعجبك، ولكنك فضلت الصمت ولم يعد لديك أى طاقة لتوضيح وجهة نظرك ولا اهتمام أن تقول لنا كم ترانا حمقى!.
أعتذر لك عن كل تلك المرات التى بدوت فيها لهذا العالم كـ«رقم فى كشف» أو «حساب إلكترونى» أو «مجرد اسم يوقع فى كشف الحضور والانصراف»…
أعتذر لأنك منذ أن انصرفت عنا.. لم نشعر بغيابك وكنا أقبح كثيرا من أن ندرك مواطن الجمال فى روحك وأفقر كثيرا من إنفاق بعض من وقتنا للسعى وراءك وافتقاد روحك…
أعتذر لأنك لما صمتت لم نلاحظ.. ولما تكلمت عما تشعر به لم نعرف ماذا نفعل!…
أعتذر لك عن حب حقيقى لم يمس قلبك.. وعن مشاعر كانت قادرة على إشعال الأمل فى قلبك لكنها لم تأتِ.. كان هناك إنسانة تحتاج إلى حبك وعندها ما يملأ أيامك بهجة لكنها لسبب تعيس أيضا..لم تلقاك!
أعتذر لك عن كل نصيحة جافة ورأى خشن وحديث سطحى عن الله وعن كل أصبع اتهام وجهناه لك…
أعتذر لك عن صورة لحب أكبر وعن براح لاستقبال كل دموعك وآهاتك وأناتك.. لم ندلك عليه ولم نأخذ بيدك إليه وأننا سخرنا كثيرا من جلستك فى تلك الحفرة العميقة ولم نركع على الأرض أبدا لنساعدك فى النهوض…!.
أعتذر لك يا إبراهيم لأن العالم لم يكن كما تتصور.. الحقيقة أننى مثلك أيضا أراه كذلك!، أسوأ كثيرا مما تمنيت وفيه كل أسباب الشقاء وأنه لم يعطنا أبدا علامة أن لديه إجابات لأسئلتنا الكثيرة!.
أعتذر لأننى لما قاومت تلك الفكرة بشدة.. لم أعلن ذلك، بل خجلت من أسئلتى وتركتها حبيسة داخلنى ومضيت أصارع وحاولت البحث وحدى عن أسباب أخرى للسعادة.. أعتذر لأننى لو كنت شاركت خيبتى وأسئلتى معك بصوت عالٍ لما شعرت أبدا بأنك وحدك!.
إذا كنت تستطيع العودة.. فعد من فضلك.. عد لنعتذر لك.. ولنحبك ونبقى فقط إلى جوارك دون كلام- فأنت لا تحب الكلام- عد فربما تجد العالم قد تغير وصار فيه ما يكفى من الأحضان لاحتضان كل وحيد…
(هذا خطاب لن يصلك.. فبينما أنا أكتب قررت أنت الرحيل وألقيت بنفسك من هذا الارتفاع الشاهق حتى تنهى كل شىء، كما قلت!.
لكن ربما يصل لأحمد وسارة ومها وكريم وعلى.. وغيرهم من المئات الذين يعانون حولنا كل يوم ولا ندرك…
ربما يصل خطابى إلى كل العازفين عن الفهم والبارعين فى الأحكام… ربما….!).