هكذا اختتم الفيلم البديع (حكايات الغريب) المأخوذ عن رائعة جمال الغيطانى.. بتلك الجملة الأنيقة على لسان الموظف الذى كان مكلفا بالبحث عن «عبدالرحمن» لتسوية العهدة، وسمع من أهل السويس قصصاً وروايات مختلفة عن بطولته وبسالته لكنها فى النهاية لم تقُدهم إليه ولم يعرفوا ما إذا كان حيّا أم ميتا. قال: إن «عبدالرحمن».. أو أياً كان اسمه.. قد أعطانا شرفاً.. أرجو أن نستحقه!
– تمر علينا ذكرى أكتوبر- نحن الجيل الذى لم يعش تلك الملحمة- كحكايات الأساطير، كحلم رائع، وكوقود للأمل، نفرح حين نسمع حكايات الأبطال.. بطولات جيشنا.. نغار من حماسهم ولمعة عيونهم.. نتمنى لو كنا عشنا لحظات مثل هذه.. انتصارات جماعية تغير طبيعة البشر.. تجعلهم أرقى وأنقى وأصدق.. وأسعد!
– لا أتوقف عن قراءة قصص الأبطال.. هذا جندى استيقظ فجرا ليسبق ويصل إلى العدو وينفذ ضربة ناجحة للعدو هو وكتيبته.. واستشهد دون أن يعرفوا اسمه وكتيبته، وسُمى الجندى المجهول، هذا بطل خاض معركته لآخر قطرة من دمه.. هذا رجل أبى أن يعود دون جثمان صديقه الشهيد.
هذا جندى رفع العلم وهذا وذاك…!
كل هؤلاء الأبطال تَرَكُوا لنا ميراثاً من الشرف.. يجعلنا فى حرج شديد من إخفاقاتنا فى تفاصيل الحياة اليومية.. من ضيقنا وقت الراحة.. وتكاسلنا أمام الممكن.. وخيباتنا مهما بررناها بسوء الحال.. فقد كانوا أسوأ حالا منا وقت أن انتصروا!
– وَضْعُنا اليوم خطير.. نحتاج أن نعبر باقتصادنا إلى مرحلة آمنة.. ومعركتنا الاقتصادية معركة تقرير مصير فكيف ترتعش حكومة أمام قرارات تدعم الاستثمار الوطنى وتراقب جودته بصرامة.. أى روح بائسة تلك!
السياحة تخطت مرحلة الخطر، وثرواتنا الأثرية والطبيعية مستباحة، كيف لم نَرَ المجموعة الوزارية الخاصة بالسياحة، من آثار وسياحة وداخلية، تقيم خطة طوارئ بتحسين جودة الخدمات ووضع نظم لإدارة المنشآت الأثرية والسياحية غير نظم الفهلوة القديمة.. ويوم تعود السياحة تجد لدينا ما يمكننا مِن المنافسة فى سوق السياحة العالمية. وغيرها من مئات المحكات ومئات الإخفاقات! التى تهزم روح الإنتصار داخلنا ببطء.. إنها الحرب اليومية مع أعدائنا الحقيقيين.. الخوف والتشكك والرغبة فى البقاء على قديمه!
– أرى كل يوم أشخاصا يقاتلون وكأنهم فى معركة.. يجتهدون فى الظل ويعبرون مناطق الخطر وحدهم، دون أن يدعمهم أحد أو يساعدهم أحد، ودون أدنى التفات من جموع الناس.
إن مصطلح (روح أكتوبر) الذى طالما ردده من عاشوه.. هو مفتاح الحل لكثير من مشكلاتنا، فكرة الإحساس الجماعى بالتحدى والرغبة الجماعية فى العبور من حال إلى حال هى جُلُّ ما نحتاج إليه.. وجُل ما تحتاج إليه حكومتنا ومسؤولونا.. أن تحارب وأنت على يقين من الانتصار هو انتصار مدفوع مقدما! أما حربنا اليوم فهى أقسى.. وعدونا اليوم أكثر خبثاً وشراسة.. ونحن نحارب متشككين ومنقسمين وبلا يقين فى الانتصار!
لا يكفى شرف الانتصار الذى نحتفل به كل عام.. إنما علينا أن نستحقه!