لا أتحدث هنا عن تواضع العظماء وسلوكهم الدمث.. وثقة وعجرفة التافهين فى كل مجال!، وأبيات الشعر التى تربينا عليها صغارًا «ملأى السنابل تنحنى بتواضع والفارغات منهن رؤوسهن شوامخ» هذا البيت العظيم فى وصفه ومقاربته للحال المنسوب للمتنبى فى هجاء الكافورى.
أتحدث بالأكثر عن تمكين أولئك المتعجرفين! وسماحنا لتفاهتهم بأن تصبح سلوكًا، خصوصًا فى التعامل مع بسطاء الحال ومَن يعتقد المجتمع أنهم سيقبلون هذا السلوك دون اعتراض ودون مقاومة!.
مناقشة وجود هؤلاء وسلوكهم لا تُجْدِى نفعًا.. لكن الحقيقة أننا نستطيع مناقشة ردود أفعالنا حينما يتعامل موظف- أيًا كانت درجته وموقعه- مع مواطن بعجرفة وتعالٍ لمجرد أن هذا الرجل بسيط، وأن هذا الموظف يستطيع أن يمنع أو يمنح!.
تحرش (الأكبر أو الأعلى) وظيفيًا أو اجتماعيًا بضحية يُفترض صمتها، ويفرضه لمجرد كونه أقوى وكونها أبسط.. نريد مجتمعًا يُمكِّن البسطاء من الوقوف فى وجه عجرفة التافهين وإيقاف دائرة أذاهم.
إن فكرة تمكين الشخص ببساطة لا تعنى أن نأخذ نحن المواقف نيابة عنهم، لكن أن نساعدهم ليرفضوا هذه السلوكيات، أن تحميهم إدارة أو قانون يعطى الحق لصاحبه، ولا ينصر القوى على الضعيف وينسى الحق والقانون.
إن المجتمعات أحيانًا تصبح أقوى من القانون نفسه، فمجتمع يحتقّر الكذب.. لا يكذب الناس فيه لأن الكذب عار لا يتحملونه!.
ومجتمع يحترم الناس فيه الطبقات البسيطة ومقدمى الخدمات، سيصمت فيه التافهون خجلًا.. لا خُلقًا.