مصطلح اخترعته فئة (الفاسدين الصغار) الذين يجدون مبرراً دائما للتهاون فى عملهم وتقديم خدمة رديئة للأشخاص الأقل قدرة مادية، بينما يتفانون فى خدمة من يدفع أكثر.. الفقير فى عالم الفاسدين الصغار، يحصل على خدمة رديئة أو منتج فاسد وليس من حقه الاعتراض!
انتشر هذا المصطلح الردىء حتى اعتنقه (الفاسدون الكبار) الذين يبررون سلب كرامة الناس وإنسانيتهم فقط، لأنهم فقراء.. فأصبح الفقير فى عالمهم يعامل بدونية ويحصل على أقل من حقه ويهان من أجل لقمة عيشه وليس من حقه الاعتراض فنحن أرباب نعمته.. فكيف يعترض؟!
هو منطق وقناعة تخرج من نفوس مريضة وجدت مناخاً يسمح لها بذلك فافترت على الناس بحجة (فلوسهم)، والحقيقة أنه بقليل من المنطق.. ستعرف أنه إذا اشتريت ساندوتش طعمية ثمنه ٣ جنيهات فمن حقك أن تحصل عليه نظيفا وساخنا وطازجا تماما، كما هو الحال إذا اشتريت ساندوتش سالمون ثمنه ستون جنيها، فمن حقك الحصول عليه نظيفا وطازجا وباردا.
الأمر لا يتعلق أبدا بالقيمة المادية.. فطالما ارتضيت أن يكون للخدمة المقدمة منك سعر محدد، فمن واجبك الالتزام بتقديم منتج يحقق الغرض منه ويخدم المنتفعين به.. وعلى هذا القياس دعنى أشاركك موجات الفساد المخفية فى عالم (على قد فلوسهم) وما أكثرها مخبأة فى نفوس هؤلاء الكسالى والفاسدين: موظف ارتضى أن يعمل فى مؤسسة براتب ما، لكنك تجده كل وقته يعمل بنصف كفاءة ويتعامل بتعالٍ مع متطلبات عمله والمتعاملين معه، والعذر على قد فلوسهم!.
مدرسة أعلنت مصروفات دراسية لطلابها، لكنها تبخل فى أجور مدرسيها والعاملين بها، فتصبح النتيجة تعليم (على قد فلوسهم!) وإذا اعترض أحد من الأهالى تتم المقارنة بأسعار المدارس الأخرى بمنطق إذا كان عاجبك!!
مصنع للمواد الغذائية متوسطة السعر.. يحقق مكاسب بنسبة تصل إلى ١٠٠%، لكنه يقلل من الكمية أو يغش فى الجودة ليزيد من مكاسبه.. والعذر على قد فلوسهم!
مطعم متوسط الحال يقدم أكوابا غير نظيفة ومائدة يحوم حولها الذباب.. بينما النظافة لا تكلف سوى قليل من الاحترام لزبائنك.. لكنهم فى خلفياتهم يتعاملون بمنطق (على قد فلوسهم!).
من قال لكم إن أصحاب المقدرة المادية المتوسطة أو البسيطة (غلابة!) فهو كاذب وفاسد.. أنتم من جعلتموهم يقبلون الغلب فى التعامل مع خدماتكم الرديئة وقبولها فى صمت.. لو كان الأمر بيدى لذهبت لكل شخص وشجعته ألا يقبل أقل مما يستحق.. ألا يقبل بأقل من خدمة جيدة ومعاملة باحترام ومنتج صالح ونظيف أيا كان سعره.. فالذوق العام والنظافة العامة وحب الجمال والتقدم بكل صوره أمور لا يمكن ترجمتها لأرقام.. لكن يمكن صناعتها بالقليل من الاحترام!.