لطالما ألهمتنى قصص القادة الناجحين.. تلك المغلفة بقصص من إنسانية لم ينفضوها عنهم حين تقلدوا منصبا رفيعا، وتواضع لم يتعالوا عليه حين وصلوا وثقة لم تصبهم بالاستهانة!.
من منا لم يراقب مسؤوليه؟!، الحقيقة أننا جميعا فعلنا ذلك.. جميعنا تخطينا أحيانا مرحلة متابعة التصريحات واستنكارها أو الإعجاب بها.. تخطينا مرحلة تقييم ما يقال أصلا.. حين أصبح أرخص بضاعتنا الكلام…!.
وبذكاء إنسانى فطرى راقبنا سلوكهم، لغة أجسادهم، طريقة طرحهم للقضايا وتحركاتهم.
ميزنا بذكاء شديد الأداء المخلص من اللقطات الاستعراضية!، الناس أذكياء بالفطرة وإن غُيّبت عقولهم.. تبقى قلوبهم ذكية..
لهذا فحين نتحدث عن مسؤولين ووزراء فى أى مكان فى العالم تجد أن الناس يلفت نظرهم، مثلا رئيس الوزراء الهولندى الذى يذهب لمقر عمله مستخدما الدراجة ويتناقلون صورة رئيسة وزراء ألمانيا المرأة القوية أنجيلا ميركل التى تصعد سلم شقتها القديمة- التى لم تغيرها بعدما أصبحت من أقوى النساء فى العالم تأثيرا- وهى تحمل مشترياتها من السوق كأى امرأة عادية..
… ورغم أنها مشاهد اجتماعية لا دخل لها بكفاءة تلك الشخصيات فى مجالاتهم التنفيذية والخدمية.. غير أن الناس يحبون تلك المشاهد ويرونها دليلاً على النزاهة والصدق.. انتظرنا طويلاً حتى تصبح لدينا نماذج مثل هذه.. تلهم الناس وترسل لهم رسائل غير مباشرة بالطمأنينة والأمل.. أصبحت لدينا الآن نماذج على هذا المستوى، وزراء ومسؤولون على مستوى توقعاتنا ومواكبون للتطور.. ودعنى أخصُّ اليوم الوزيرة الجميلة «نبيلة مكرم»، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج.. تلك السيدة التى منذ أن تولت وزارتها الجديدة اسمًا وموضوعًا وهى تلفت الأنظار وتبعث على الاهتمام.. نشيطة وواعية تتحرك بسرعة ولا تفقدها سرعتها وضوح الرؤية..
كلنا انتبهنا فى الأسبوع الماضى لحادث الاعتداء الذى تعرض له المواطن المصرى المقيم فى الكويت.. وهو حادث سيئ وسخيف ويعكس حالة العنف والدموية التى يعانيها البشر فى كل مكان، ولكنه لا يعد عدوانا على كرامة الوطن، إنما حادث فردى تعرض له مواطن مصرى بالخارج ويحدث مثله المئات كل يوم بالداخل- أو هكذا كان يمكن أن يمر- لكن الوزيرة قد غيرت منذ تولت منصبها ومسؤوليتها من حالة التجاهل المتعمد التى عانى منها المصريون بالخارج عقودا طويلة.. وصارت تكرس كودا جديدا فى التعامل مع المصريين.. (كمواطنين) بالمعنى الحقيقى للكلمة.. وهذا جديد. تماما علينا.. ورائع أيضا فى حق المصريين وحق مصر فى المقام الأول..!.
تلك عادتها الجديدة.. لكن أيضا.. من منا لم يتوقف أمام صورتها الأخيرة وقد طارت لتساند الشاب المصرى فى الكويت وهى تعانى من خلع بالكتف وكتفها مربوط ويؤلمها بشدة.. تحركت لأزمة فى تصنيف الأزمات قد تبدو بسيطة ويمكن أن تديرها على أكمل وجه من مكتبها فى مصر.. لكنها تتصرف بحالة من النبل والتلقائية يحسدها عليها الكثيرون.. يفهمها الناس بسهولة، إذ هى لغة الصدق ويعجز عن نيل وهجها أى مقلد يسعى للأضواء دون قضية.
لكن تلك هى الرسالة!! هذا هو الاختلاف..
حينما يصبح المسؤول صاحب رؤية وفى نفس الوقت إنسانًا!! يصبح موقعه أكبر كثيرا مما هو عليه.. يصبح موقعه ووجوده ودوره.. رسالة وتشجيع وإلهام..
الآن فقط نستطيع أن نقول.. هم لديهم رموزهم الجميلة..
ونحن عندنا (نبيلة)..