يا ألله.. نحن خائفون.. أعلم أن كل سكان الأرض قد نادوك وقد طلبوا رحمتك على الأقل مرة واحدة خلال المائة وتسعين يوما الماضية.. أعرف أن جميعهم حدثوك على اختلاف لغاتهم وعلى اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم حتى من يرفضون العلاقة معك لكنهم فى أعماقهم يدركون أنك موجود.. وأنك ضابط لكل الأمور ولن تفلت من يدك.
لن أناقش البديهيات فى سبب المرض، ولن أقول بجهالة أنت تجرب العالم أو تؤدبه.. فأنت فى عينى أرحم من كل هذه الصور المشوهة عنك، لكننى أريد أن أطمئن فأسألك يا ألله: هل حقًّا أنت غاضب من سرعتنا الشديدة التى باتت تفقدنا القدرة على التمييز؟
هل أنت حقًّا مستاء من سوء استغلال العلم؟ كيف وأنت من سمحت لنا بكشفه؟.. هل حقًّا يزعجك انشغال الناس عنك؟ لكنى أعلم أنك تعطى مخلوقاتك التى خلقتها الحرية وتحترم اختياراتهم مهما بدت سخيفة وقاسية وبعيدة عنك.. أنت رحوم للدرجة التى تجعلك لا تقبل العبادة إلا فهمًا والطاعة إلا حبًّا.
يا ألله، نحن خائفون ويبدو أننا لن نتغلب على تلك المشاعر بسهولة؛ فلم نعد نثق فى أنظمتنا الصحية فى أى مكان فى العالم.. كلها فشلت تمامًا أمام فيروس صغير لا تراه العين.
لم نعد نجد أى قيمة لتلك الثروات التى تكتظ بها البنوك ولا المبانى الضخمة التى تنافسنا فى اقتنائها.
لم يعد هناك أى معنى لأى شىء..لا معنى لآرائنا ولا معنى لتحليلاتنا الشخصية، حتى كلام الأطباء وتفسيراتهم المتعددة.. يبدو أنهم هم أيضًا خائفون مثلنا تماما يا ألله.
نصمت حين نتأملهم يحابون لذوى الحظوة أو من يمتلكون وسيلة تمكنهم من الاقتراب ولو بقدر ضئيل من فرصة للنجاة.. ونتعجب يا ألله.. كيف يتكرر هذا المشهد المؤسف كل مرة.. أنه حتى فى أشد أوقات الخطر.. يظهر هؤلاء الفاسدون الذين يظنون أن لديهم مفاتيح النجاة وحدهم.. نضحك عندما ندرك كم هم أغبياء.. فهذا الفيروس اللعين لا يعطى اعتبارًا لفسادهم وعقولهم الصغيرة.. ويمر خفيفا جدا على البعض ويأتى بثقله وقسوته على آخرين لحكمة لا يعرفها سواك.
نحن خائفون يا ألله.. نجلس فى هدوء ننتظر نصيبنا من الألم، أو دورنا من المجهول.
لكننا رغم كل شىء نعرف أنه فى يوم قريب ستقول (كلمة) كلمة واحدة يتغير بعدها كل شىء، وتستعيد الأيام بريقها وتعود للطرقات الحياة.