لماذا نبكى؟؟، لماذا نبكى حين نفرح وحين نحزن وحين نضحك أحيانا؟.. الدموع طوفان من المشاعر الذى يغمرنا فجأة وبدون سابق إنذار.. ليصرخ رغما عنا.. بما لا تقوى الكلمات على صياغته أبدا.
على مدار أسبوعين هناك فى النصف الآخر من الكرة الأرضية.. اختبرت كل أنواع الدموع.
– أتحدث مع مجموعة من القادة المؤثرين فى مجالاتهم من مختلف دول العالم.. يشارك كل منا الحديث عن وطنه والأحوال به.. أشاركهم بحماس أن كل الأمور فى بلادى تسير إلى أفضل. وأن الإرهاب لا يرهبنا.. أشاركهم فيديو (هذه هى مصر) وبعض الصور لمصر الحلوة التى نتمناها.. فتختلط مشاعرى ما بين خوف وحب.. فأختبر دموعا لا أعرف اسمها.. فتحتضننى الزميلة ذات الأصول الهندية وتقول لى: «أفهم ما تشعرين به!!».
أمضى دون أن أسألها كيف عرفت!، فربما اختبرت هى أيضا.. ذلك الحب الممزوج بالحزن.. يسمونها دموع الشجن!.
– نادرا ما أتحدث على الطائرة.. لكن هذا الرجل الذى جاوز الستين بدا ودودا وليس فضوليا عندما كان يراقبنى وأنا أقرأ كتابا باللغة العربية.. وتردد كثيرا قبل أن يسألنى: أنتِ عربية؟؟، جاوبته بابتسامة: «مصرية»!.. ظننتك إسبانية!! حتى وجدت بين يديك هذا الكتاب وفهمت أنك شرقية.. على مدار ساعتين.. لم يتوقف هذا الرجل الأنيق الذى عرفت أنه يعمل (قاضيا) أمريكيا.. عن الحديث بحب شديد عن (الشرق)- كما يسميه- وأخرج من حقيبته كتبا تتحدث عن الشرق.. كان يسأل أسئلة القارئ المشتاق لمكان أو حالة.. مر زمن الرحلة القصيرة بسرعة.. ووجدت هذا الرجل كبير السن والمقام يصافحنى ويقول لى: «لديكم شىء ما فى أرواحكم، إنه هنا، فى القلب.. رائع.. أود أن أختبره!! إننى أتمنى أن أزور بلادك…»، ثم بدون مقدمات، نزلت دموعه.. وقال: أنا آسف لدموعى.. لكنه مس قلبى.
يسمونها دموع الشغف…!.
– أصل إلى بيت أخى الذى استقبل منذ أيام هدية من السماء طفلة عمرها أيام صنعت بهجة لا تسعها الكلمات.. هى ثمرة صلوات وانتظار وإيمان وثقة.. أضمها وكأن الحياة كلها أصبحت حلوة وكأن المستحيلات كلها صارت ممكنة.. وكأن المشكلات كلها صارت تافهة.. فلا أستطيع مغالبة دموعى.
يسمونها.. دموع الشكر!!
– أتابع أخبار وطنى كالعادة.. أتجول بسرعة بين الأخبار أبحث عن ردود أفعال حول الدور المصرى الرائع فى مجلس الأمن وشعور بالفخر يغمرنى.. وحماس للقادم وتحدٍ.. أهرول بين الأخبار وكأننى أحاول تفادى السيئ منها.. فلست مستعدة الآن لأى مفاجأة غير سارة.. فأقرأ خبر الجمعة الأبرز.. اعتداء على كنيسة صغيرة فى أطفيح.. فتتهاوى المشاعر من قمة الفخر.. إلى قمة البؤس.. فكيف نجاهد لنصنع تغييرا فى خريطة العالم.. وجغرافيا الوطن تتعرض لخيبات ثقيلة متكررة ولا إرادة فينا ولا قوة لنقف أمامها بحسم..
يسمونها.. دموع الحزن!!!
– ثم أعود إلى بيتى وأسرتى الصغيرة.. رغم كل الناس والأحداث.. لا شىء يبقينا أحياء.. سوى تلك الأحضان الحلوة لأولئك الذين نحبهم ونعرف أنهم يحبوننا حقا.. يحبوننا بلا شروط ولا سياسة.. يحبوننا بلا حواجز ولا موانع.. تلك المشاعر التى تجعلنا نبكى من وقع الحضن…!!.
أسميها دموع الحب!!.
أنا أحترم الدموع ولا أخجل منها.. وأقيس نفسى فى ميزان الحياة بقدر تصالحى معها.