النموذج

لو كنتَ بلا ذاكرة.. تخيل أن تستيقظ كل يوم، فتبدأ فى تعلُّم المشى من جديد، وتقضى ساعة مثلًا لمراجعة الحصيلة اللغوية التى جمعتها على مدار السنين، ثم تقلب فى دفتر المعارف لتتعرف من جديد على أهل بيتك وأصدقائك وزملائك! وساعة أخرى لمراجعة خبراتك وأخطائك وعلمك! ثم تصبح بعدها جاهزًا لمواجهة الحياة!!!

يبدو نموذجًا بائسًا للحياة، أليس كذلك؟! لا شىء من العقل أو المنطق يقول بأن تعيد تجربة كل شىء من جديد فى كل مرة تقدم فيها على عمل أو إدارة شىء!

لهذا فسيظل علم صناعة «النموذج» هو الأهم على الإطلاق! النموذج قد يكون الشخص الذى يتم الرهان عليه والاستثمار فيه حتى يستطيع مَن هم بعده ممارسة حياتهم بسلاسة وإنجاز المهام اليومية بسرعة وتحسين جودة الحياة بشكل عام.

تقديم نموذج يمكن الوصول إليه، وحلم يمكن تحقيقه وطريق واضح المعالم، كان سر بناء دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة، صناعة «النموذج الأمريكى أو كما سموه الحلم الأمريكى» هى ما وضعت أمريكا فى صورتها الذهنية التى نعرفها الآن، النموذج حتى برغم سلبياته ومصاعبه وأنه ليس مثاليًا كما يعتقد البعض! فإنه قابل للتحقُّق.. وهذا سر بقاء هذا السحر فى عيون الناس، وسر اعتقاد الأمريكيين بتميزهم، بل فى أغلب الأحيان هو السر وراء انتمائهم!

فى شعوبنا الشرقية، الوضع معكوس تقريبًا، تستطيع بسهولة أن تقول إن لديك شعوبًا تؤمن بوطنها وبأرضها وتنتمى إليها بالفطرة ومعطيات الأرض والعِرض والحضارة!

ولكنهم عاشوا سنوات يعانون الإحباط وتكرار المحاولة كل يوم.. وتكرار البداية من جديد كل يوم وتجريب البديهيات.. والأكثر إيلامًا.. ندرة النماذج!

النجاحات فردية، التميُّز استثناء، النموذج والطريق غامضان وغير مُحدَّدين بقوانين!

مصر الجديدة تقدم من خلال قيادتها السياسية «نموذجًا» لحب شديد لهذا الوطن ورغبة غير مسبوقة فى الإنجاز..هذا نموذج لا يختلف عليه اثنان فى مصر!

الحكومة تقدم نموذجًا لأهل الخبرة والعلم والتميز- إلا استثناءات بسيطة- من الوزراء المتخصصين والمتميزين.. فهذا أيضًا نموذج يستحق الإشادة..!

لكن يبقى السؤال: هل ندرك الرسالة التى يقدمها كلٌّ منا فى موقعه.. أى نموذج يقدمه هذا الشخص للآتى بعده؟! أى رسالة يرسلها للمجتمع، للرأى العام؟ هل أقدم نموذجًا يمكن السير على نهجه أم أضيف صفرًا جديدًا على يسار القيمة يزعج الجميع، ولا يمكن أبدًا البناء عليه؟!

لقراءة المقال علي موقع المصري اليوم

Tags:
To Top
Contact

Get In Touch