للجيش الأبيض شعب ووطن

فى البداية كان وقع اللقب الجديد (جيش مصر الأبيض) غريبًا على أذنى، حتى شعرت أنه منحة ربانية لهؤلاء الكرام الذين اجتهدوا فى صمت وتدربوا على القتال فى أوقات السلم حتى جاء وقت حرب مفاجئة لم يكن أحد يعلم توقيتها فقاتلوا بشرف وسقط منهم شهداء كما أى محارب على جبهة حماية هذا الوطن العزيز، اليوم القطاع الطبى هم خط الدفاع الأول عن حياتى وحياتك. قد يكون من المبكر جدا الحديث عن التقدير اللائق لهم، فهو أمر فرضته مقدرات السماء وأعادت للعلم والعلماء مكانتهم المستحقة فوق مدعى العلم ومغتصبى الألقاب وفوق فوضى الفهلوة والوصولية على ساحات ومنابر الحياة العامة بكل تفاصيلها. لكنه من المناسب جدا حديث عن تضحياتهم وتحدياتهم وقدرتهم على احتمال السخافات فى ظرف جلل كهذا.. مرت علينا مشاهد متفرقة من وعى واحترام مثل هذا الذى أظهره جيران طبيب الحجر الصحى عند عودته لمنزله فى بورسعيد واستقبالهم الحافل له بالتصفيق والتقدير، ومشاهد أخرى محمودة جدا من محاولات تكريمهم وتقديرهم إعلاميا بأغانٍ لطيفة وصور توضح قيمة ما يقدمونه.

لكن يبقى أن نذكر أنفسنا ودولتنا العاقلة التى تحكم قبضتها وضبطها لكثير من الأمور أن فى ظل حالة الطوارئ التى نعيشها فى هذه الأيام.. فإنه لا مجال للمراهنة على الروح المعنوية لهؤلاء الأبطال.. الروح المعنوية كلمة يفهمها القادة العسكريون جيدا قبل الأشخاص العاديين، هى ليست رفاهية ولا مبادرات شخصية من الإنسان لرفع روحه المعنوية فى حالة الحرب تصبح الروح المعنوية للمقاتلين فى قمة هرم الأولويات.

الروح المعنوية للأطباء فى خطر إن تهاونَّا بالتفاصيل البسيطة مثل تعرض طبيبة بمستشفى الحميات للتعدى من جيرانها ومحاولات طردها من المنزل، أو وفاة والد طبيب ورفض أهل البلد دفنه فى القرية.. كلها سخافات ودناءات وسمِّها كما تريد من المسميات، لكن التعامل معها فى هذا الإطار فقط، والإجابة عنها بمبررات للجانى والمعتدى- ضعف وتخاذل منا جميعا سنجنى ثماره كلنا!! يكتفى بعضنا بقول ضعيف مثل (معلش يا دكتور الناس خايفة!) يذكرنى تماما بجملة (إيه اللى وداها هناك!!) مع اختلاف المقاربة! التنمر بل أتجرأ وأقول التحرش والتعدى على الأطباء جريمة لا تغتفر. إحكام التعامل الاجتماعى الناضج مع هذه الظاهرة برفضها ومقاومتها، وإحكام تعامل السلطة مع المعتدين على أفراد جيشنا الأبيض- هو ضمان عبورنا وسلامتهم! نحن نحترم جيوشنا، ولا نضحى بهم ولا نقدمهم قربانًا للجهلاء والمتنمرين.

أريد أن أسمع أكثر من الأطباء كل يوم، أريد أن أرى صورهم على الصحف، أريد أن أناقش مشاكلهم وأدعم ما ينقصهم.. فبالتأكيد هم داخل محرابهم يواجهون ألف تحدٍّ كل يوم بخلاف شبح العدوى وهمومهم الشخصية لسلامة أحبائهم وبيوتهم التى يعودون إليها.

ألف تحية لأبطالنا ممرضين وممرضات أطباء وطبيبات وكل العاملين فى القطاع الصحى، وليعلم الناس أن للجيش الأبيض شعبًا يدعمه ويسانده ووطنًا يحميه.

لقراءة المقال علي موقع المصري اليوم

Tags:
To Top
Contact

Get In Touch