نصف الحياة وكل روعتها

يبدو أننى كغيرى كثيرين تغضبنى قضية التحرش دون سواها بنفس القدر من الغضب كل مرة، إنها جريمة غير قابلة للاعتياد بالنسبة لى وغير قابلة للتصالح أيضًا. لأنها سرقة وخسة وخيانة فى كوكتيل سخيف من القبول المجتمعى أحيانًا أو الصمت قهرًا أحيانًا أخرى. لكن لا يوجد جديد بعد كل ما كتب أو طرح فى وصف تلك الكائنات المتحرشة الحقيرة الموجودة بشدة والتى تفرض نفسها على الفتيات والسيدات فى كل المجالات والطبقات الاجتماعية. ما لدىَّ اليوم لأشاركه هو مجرد يقين بجبن هؤلاء أمام عدة فئات من النساء، يخافونهم ولا يتجرأ أكثر المتحرشين وضاعة على الاقتراب منهن. النوع الأول (القوية) أحب جدًّا المقولة الشهيرة «كونى قوية لأجلك» فقوة الفتاة جزء من هويتها التى تحددها بدقة فى كل تعاملاتها. القوة تنبع من الداخل. بالتأكيد من يقينك بقيمتك واستحقاقك للحب لا للاستخدام، لإعجاب لا شهوة.. يقينك ببهاء وتفرد خلقتك وكيانك الذى ينطبع على نظرات حاسمة وصوت واضح غير مبالغ فى الانخفاض ولا الارتفاع. الخطوات المتوسطة السرعة لا سريعة مهرولة كأنك تركضين خوفًا ولا بطيئة كسولة. تيقنى من مواطن قوتك ولا تخجلى من كونك قوية.. لأن المتحرش ضعيف سيهابك!

النوع الثانى (المتحققة) عزيزتى كلنا تائهون وجميعنا نبحث عن معنى لحياتنا يشعرنا بالتحقق والاكتفاء، وهذا المعنى وتلك القيمة قد يجدها بعضنا ويفهمها بسرعة، وقد يستغرق الأمر سنين حتى يشعر الإنسان بالتحقق، هذا الشعور العظيم الذى يرفعنا إلى درجة لا نستجدى ولا نستعطى لا اهتماما ولا مشاعر ولا حتى احتياجا عاطفيا وجسديا، السعى للتحقق سعى قدر روعته فى حد ذاته قدر ما يحمينا بشدة من هؤلاء المتربصين الذين فور ما يشعرون باحتياج.. ينقضون على فريستهم باستغلال نفوذ أو وعود أو سلطة أسرية أو اجتماعية.. مرة أخرى «كونى متحققة أو ساعية لهدف كبير من حياتك» حتى لا يعتقد مريض أو مختل أنك جميلة لإبهاره، أو متألقة للفت نظره.

النوع الثالث (ذات حيلة) لدينا وصف شهير نصف به النساء ونقول «غلبانة ومنكسرة وقليلة الحيلة» فى محاولة لطرح فكرة كم هى مسالمة!!! والحقيقة أن المتحرش المريض والمغتصب المتجبر كليهما سيفكر ألف مرة إذا كان لديك من «الحيلة والقدرة» اللاتين تجعلانك تفضحينه بعد أول محاولة وتكشفين لأخريات حيله الرخيصة.. وأعتقد أن المجتمع الآن لديه من الآليات التى تمكن كل فتاة مهما كانت بساطتها من الكشف والفضح والمحاسبة. ارفعى رأسك أيتها الجميلة أينما كنتِ، فلا هو رجل يستحق الخوف منه ولا أنت مجرد شىء يقبل المهانة بل أنت إنسانة كاملة، خلقك الله لتكونى نصف الحياة وكل روعتها.

لقراءة المقال علي موقع المصري اليوم

Tags:
To Top
Contact

Get In Touch